جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الدلیل الثالث عشر (1)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

شهادة المسیح علی أهل زمانه بالشک فی شأنه: قال متی: «بینما التلامیذ یأکلون طعاما مع یسوع قال: کلکم تشکون فی هذه اللیلة؛ لأنه مکتوب: «أنی أضرب الراعی فیفترق الغنم» فقال بطرس: لو شک جمیعهم لم أشک أنا. فقال یسوع: الحق أقول لک: إنک فی هذه اللیلة تنکرنی قبل أن یصیح الدیک«.

فقد شهد علیهم المسیح بالشک فیه، و أن خیارهم و هو «بطرس» خلیفته علیهم من بعده: سینکره. و إذا وقع لهم الشک فی المسیح فی آخر أیامه و منتهی مدته؛ فقد تخرمت الثقة بأقوالهم، و إذا أنکره مثل «بطرس» و لم یعرفه؛ بطل جزمهم بأنه قتل و صلب، و صح قول ربنا تعالی: (وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ وَ لَکِن شُبِّهَ لَهُمْ وَ إنَّ الَّذینَ اخْتَلَفُوا فِیه لَفِی شَکٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ) الآیة.

فهذا المسیح – علیه السلام- قد وافق محمدا علیهما السلام فی أن القوم شاکون فیه، و ذلک مبطل لدعوی القتل والصلب. و قد صرح المسیح فی هذا الفصل بحرف لو تأمله النصاری لما عدلوا عن اعتقاد نبوته إلی انتحال بنوته. و هو

قول المسیح: «إنه مکتوب أنی أضرب الراعی» سمی نفسه راعیا و هادیا داعیا، و هذا حال الأنبیاء علیهم السلام فإنهم یطوقون أعباء السیاسة، و یرفقون الأنام بأخلاق الحراسة. فنحن نسأل النصاری، من هو الضارب؟ و من هو المضروب؟ فإن زعموا: أن الضارب هو الله، والمضروب هو الإنسان؛ فقد وافقوا شریعتنا و خالفوا شریعتهم إذ تقول: إن المسیح إله لا إنسان. و إن قالوا: الضارب هو الإنسان والمضروب هو الله، کان هذا قولا لا یقوله أحد من الحمقاء فضلا عن العقلاء.

فإن عادوا و قالوا: المضروب هو المسیح. أعدنا علیهم القول المتقدم. و قلنا: المسیح عندکم لیس آدمیا محضا و لا إنسانا صرفا، بل هو مرکب بالاتحاد من إله و إنسان؛ فقد لزمکم أن یکون الإله مضروبا أیضا مع الإنسان. فإن راموا تخصیص الناسوت بالضرب؛ لم یتهیأ لهم بعد القول بالاتحاد، و إن راموا تصحیح الضرب و إضافته و سائر النقائص إلی الناسوت؛ فقد أبطلوا الاتحاد و هو المراد.

و إن قالوا: المراد بالمضروب الابن و بالضارب الأب. قلنا لهم: فالأب والابن عندکم قدیمان، فما الذی أصار أحدهما ضاربا والآخر مضروبا بأولی من العکس؟ و إذا کان الابن عندکم عبارة عن الحکمة الأزلیة، فما معنی ضرب الله کلمته. و إنما تضرب الأجسام؟ فأما صفات الله القدیمة فلا تفارق ذاته الکریمة و لا تقوم بغیره.

و ما نری لروح القدس فی أکثر هذه الفصول ذکرا، فلا ضارب و لا مضروب -تعالی الله عن هذیانکم هذا علوا کبیرا-.