قال الله تعالی: (و ما أرسلناک إلا رحمة للعالمین(، و أصح القولین أنه علی عمومه، و فیه علی هذا التقدیر و جهان:
أحدهما: أن عموم العالمین حصل لهم النفع برسالته:
1- أما أتباعه فنالوا بها کرامة الدنیا و الآخرة.
2- و أما أعداؤه المحاربون له، فالذین عجل قتلهم و موتهم خیر لهم من حیاتهم، لأن حیاتهم زیادة لهم فی تغلیظ العذاب علیهم فی الدار الآخرة، و هم قد کتب علیهم الشقاء فتعجیل موتهم خیر لهم من طول أعمارهم فی الکفر.
3- و أما المعاهدون له فعاشوا فی الدنیا تحت ظله و عهده و ذمته، و هم أقل شرا بذلک العهد من المحاربین له.
4- و أما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإیمان به حقن دمائهم و أموالهم و أهلهم، واحترامها، و جریان أحکام المسلمین علیهم فی التوارث و غیرها.
5- و أما الأمم النائیة عنه فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض فأصاب کل العالمین النفع برسالته.
الوجه الثانی: أنه رحمة لکل أحد، لکن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة، فانتفعوا بها دنیا و أخری، و الکفار ردوها، فلم یخرج بذلک عن أن یکون رحمة لهم، لکن لم یقبلوها.