و یهمنا من الخلاف هنا وقت الوصول إلی القبر بصرف النظر عن الخلاف فی شخص من وصل إلیه.
فقد أفاد نص مؤلف یوحنا: «أن الوقت کان مبکرا، و الظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر«(1).
و خالفه نص مرقس إذ أنه جعل مجیئها بعد طلوع الشمس و هذا نصه:
»و بعد ما مضی السبت اشترت مریم المجدلیة و مریم أی یعقوب و سالومة حنوطا لیأتین و یدهنه، و باکرا جدا فی أول الأسبوع أتین إلی القبر إذ طلعت الشمس«.(2).
و لامشاحة فی وضوح هذا الخلاف. فأین طلوع الشمس من بقاء الظلام؟! و لیت أحدهما نص علی البکور دون التحدید ببقاء الظلام أو طلوع الشمس لکان من الممکن تفادی ذلک بتطة أو بأخری، و ذلک کما فعل المؤلفان الآخران فقد نصا علی ما یفید البکور دون تعلق ببقاء الظلام أو طلوع الشمس.
و قد تسول للمجیب نفسه أن یجمع بین بقاء الظلام و طلوع الشمس فی مخیلته فله ما یری و للناس الحق.
و یحضرنی فی هذا المناسبة قصة سمعتها من أحد أساتذتنا الأجلاء حکاها لنا أن الإمام الأعظم أبا حنیفة النعمان کان من عادته و هو جالس بدرسه أن یحترم العلم و یجل طلابه إلا من کان جاهلا بلیدا.
فاتفق أنه کان یتحدث فی الدرس عن أوقات الصلوات الخمسة، و کان یتحدث لمن له سؤال فی نهایة درسه و انصرف من لاسؤال له. ففوجیء بطالب یسأله عن وقت الفجر. فقال له: إنه من طلوع الفجر الی طلوع الشمس، فبادره الطالب قائلا: ماذا یحدث لو أن الشمس طلعت قبل الفجر. فما کان من أبی حنیفة إلا أن رد: إذن یمد أبو حنیفة رجلیه.
و نحن بعد هذا التطواف فی هذا المبحث علی مذهب أبی حنیفة، بعد أن امتدت أیدینا لتلک النصوص بالبحث والدراسة و التحلیل، و لاحرج إذا مددنا رجلینا و لا علینا..
1) [یوحنا 20: 1].
2) [مرقس 16: 1- 2].