قال مؤلف کتاب «المسیح فی جمیع الکتب«:
»یوجد شبه بین البشراء الأربعة والکاروبیم الأربعة الذین رآهم حزقیال أو الحیوانات الأربعة الذین رآهم یوحنا» (1).
إن متی یرینا المسیح فی مقامة المملوکی کأسد سبط یهوذا وهو الکروب الأول.
ویرینا إیاه مرقس فی مقام خادم لأن الثور معد للخدمة، کما للتقدمة وهو الکروب الثانی.
ویرینا إیاه لوقا فی مقام ابن الإنسان «قلبه فائض بالعطف والحنان» وهو الکروب الثالث.
»ویرینا إیاه یوحنا فی مقامه الإلهی کالنسر الذی یخترق طبقات الهواء وهو الکروب الرابع«. (2).
وقد أعطی المؤلف المذکور عنوانا لصورة المسیح فی کل إنجیل علی حدة. فالصورة التی توجد فی متی «المسیح کملک» والتی توجد فی مرقس «المسیح خادم» وفی لوقا «المیسح ابن الإنسان» وکل ذلک مخلوق.
أما فی الأناجیل الرابع. فهو الکلمة- الله- المتجسد- وهذا یعنی أنه الخالق الذی به کل شئ کان، وبغیره لم یکن شئ مما کان.
الصورة التی اتفق الثلاثة علیها هی أن المسیح مخلوق لیس إلها، ولا شبه إله ولا بعضا من إله. وهی بذلک مغایرة ومخالفة لصورة المسیح المخترعة لتألیهه. ونحن حین نقول الصورة المخترعة فإنما نعنی بذلک الصورة التی حاول رسمها مؤلف الإنجیل الرابع لتألیه لمسیح. ومما یدخل مع الثلاثة فی بابها تلک النصوص التی تدل علی بشریة المسیح وعجزه، ونفی الألوهیة عنه لأن الله واحد لاشریک له، وهی أیضا من الإنجیل الرابع.
والنصوص التی نقدمها جزء من کل یثبت ما لیس فی حاجة إلی إثبات لأنه من قبیل الحقائق البدیهیة التی یسلم العقل بها لتوافقها مع الفطرة السلیمة للعقول المستقیمة. وسوف نقدمها هنا تحت أنواع ثلاثة:
الأول: ما اتفقت نصوص الثلاثة علیه.
والثانی: ما اتفق علیه اثنان.
والثالث: ما انفرد به أحدهم فنقول وبالله التوفیق.
1) یقصد مؤلف رؤیا یوحنا، وقد تقدم لهذا النص النص نظیر فی مقدمة بحثنا عن الحیوانات الأربعة التی سطرها مؤلف سفر رؤیا یوحنا.
2) أ. م. هود جکن: المسیح فی جمیع الکتب [ص 382].