وموضوع هذا الفصل یحتاج إلی مجلدات حتی یمکن الفصل فیما تضارب من النصوص المتعارضة، ولا یکفی فیه فصل کهذا الذی نقدمه هنا، ولیس موضوعنا هنا للمقارنة بین الأناجیل الثلاثة والانجیل الرابع من ناحیة وبینه وبین ما یحمل اسم یوحنا من أسفار العهد الجدید. وإنما یلزمنا ما لا بد منه لإعطاء فکرة عن الإنجیل الرابع من جهة مخالفته لما ذکرنا فیما تفرد به ونکفی بالقدر الذی یوضح لنا هذه الفکرة ویؤکدها اتباعا للحکمة القائلة بأنه:
»یکفی من القلادة ما أحاط بالعنق«.
فإن مالا یدرک لایترک کله، قال القسیس ابراهیم خلیل عن إنجیل یوحنا:
»وهو یناقض الأناجیل الأخری فی مئات من التفاصیل، وفی الصورة العالمة التی یرسمها عن المسیح، وخلاصة القول أن ثمة تناقضا کثیرا بین بعض الأناجیل وبعضها الآخر، وأن فیها نقطا تاریخیة. مشکوک فی صحتها، وفیها من القصص الباعثة علی الشبهة والریبة تماثل مماثلة واضحة ما یروی عن آلهة الوثنیین» (1) أهـ.
وسوف یکون منهجنا فی هذا الفصل أن نوضح مخالفة الأناجیل الثلاثة له أو بعضهم فی موضوعها، سیکون ذلک فی المبحث الأول ویتناول موضوعین:
الأول: حقیقة المسیح وطبیعته.
الثانی: الجانب التاریخی للروایات التفصیلیة.
ونقدم فی المبحث الثانی: لمحة عن الاختلاف بین إنجیل یوحنا وما یحمل اسم یوحنا من أسفار العهد الجدید.
وبما أن موضوع البحث هو الإنجیل الرابع، وقد وضح لنا من خلال الفصول السابقة الکثیر من نصوصه التی نتناولها هنا أما النصوص التی نختارها من الثلاثة فسنولیها توضیحا أکثر من نصوصه، إلا إذا کانت نصوصه لم نتعرض لها فیما سبق.
1) نقلا عن: فاضل صالح السامرائی نبوة محمد من الشک إلی الیقین [ص 221].ولعل الصواب فی التعبیر: «وفیها من القصص الباعثة علی الشبهة والریبة تا یماثل مماثله واضحة….. ألخ«.