من حق البحث العلمی علی الباحث أن یستوفی الباحث جوانب موضوعه بالدراسة استکمالا لجوانب الموضوع، وقد رأینا فی نص الإنجیل الرابع نصوصا کثیرة تدل دلالة قاطعة وواضحة علی أن الله – الآب- هو الله الحقیقی وحده، و أن المسیح عبده و رسوله، و ذلک علی خلاف و تناقض مع النصوص التی حاول بها تألیه المسیح. فعقدنا هذا الفصل لبحث موضوع هذه النصوص.
ونحب أن نوضح قبل أن نبدأ عرضها والتعلیق علیها بعض الأمور التی نرانا فی غنی عنها:
أولها: أن الأصل فی المسیح بن مریم أنه بشر لیس إلها ولاشبه إله حتی یقوم الدلیل علی خلافه، وعلی من یدعی تألیهه أن یقیم الدلیل. والقائل بأنه بشر قائل بالأصل لا یطالب بالدلیل بل المطالب بالدلیل هو من یقول بخلاف الأصل المعهود. ودلیل الأول موفور بینما لا دلیل لمن یحاول تألیه المسیح کما رأینا فیما سبق فی محاولة التألیه.
وثانیها: أن ما ینسب إلی المسیح مما یدل علی بشریته، وألوهیة الله الآب، وتمییز کل منهما عن الآخر بما یجوز له من الصفات وما یجب وما یمتنع، أقوی حجة، مما ینسب إلی أیهما خلافا لذلک. کما ذهبنا إلی ذلک فی الأمر السابق. لأن الأول معتاد ومستساغ والثانی غریب شاذ. وکل ذلک فی نص الإنجیل الرابع.
وثالثها: أن هذا التناقض فی نص هذا الإنجیل دلیل علی:
أ- فشل واستحالة محاولة تألیه البشر ادعاءا أو اعتقادا.
ب- أن النصوص التی نقدمها هنا أقوی لأنها الفاصلة فی الأصل، والأصیلة فی الفصل، ولأنها تسیر فی خط الأناجیل الثلاثة ضد تألیه المسیح أو بعیدا عنه وفی نفس الوقت فإن هذا الخط غیر خارج عن مضمون الرسالات الإلهیة إن لم یکن مؤیدا منها. وهذه النصوص لا تتناقض مع العهد القدیم علی الأقل. ولاالقرآن الکریم کنطقها بما
یناقض بدعة تألیه المسیح. واثباتها لألوهیة الله الآب الإله الحقیقی وحده وأن المسیح عبده المحتاج ورسوله المبلغ رسالته فقط.
ونبدأ بعض: النصوص التی تتحدث عن الله، ثم نتبعها بالنصوص التی تتحدث عن المسیح عبده ورسوله، ثم نختم الفصل بالنصوص التی تنطق بالفارق بین المخلوق والخالق وذلک لإظهار الحق بنص هذا المؤلف.