اختلف المفسرون فیها: فقال البعض بأنها قصة واقعیة، و قال البعض بأنها قصة رمزیة: و یتحدث الدکتور ولیم بارکلی عن هؤلاء بأنهم:
1-»قالوا إن الرجل المریض یرمز إلی الأمة الإسرائیلیة«.
2-»و الأروقة الخمسة تشیر إلی أسفار موسی الخمسة أی أسفار الناموس. و فی هذه الأروقة التی ترمز إلی الناموس ینطرح الشعب مرضی، معذبین، مفلوجین، عاجزین، تغطیهم القروح، و تهد کیانهم الأوصاب، و هم لایجدون فی الناموس شفاءهم من ضربة الخطیة، لعنة الإثم… فالناموس شأنه شأن أروقة بیت حسدا لایفعل أکثر من أن یأوی جمهورا کثیرا من مرضی و عرج و عمی و عسم، و کلنه لایهبهم الشفاء و لا یقدم لهم الدواء.
3-»أما الثمانی و الثلاثون عاما فهی تشیر إلی عدد السنوات التی قضاها بنو إسرائیل فی بریة التیه، بعد خروجهم من أرض مصر، أو لعلها تشیر إلی عدد القرون التی انتظرت البشریة بطولها مجیء المسیح حتی أتی المخلص…..«
4- «أما تحریک المیاه و الغوص فیها، فیشیر إلی المعمودیة، و فی الحقیقیة نری بعض الصور، فی الفن المسیحی القدیم تمثیل لنا المعمد، و هو یخرج من الماء حاملا فراشه علی ظهره.
»إن هذه الصور الرمزیة قد تتضح لنا من خلال سطور القصة و لکن لایمکن أن یعنی هذا أن القصة کلها رمزیة، وأن یوحنا کتبها کأسطورة تصویریة تعلن حقائق رمزیة» (1).
و إذا کان بارکلی قد علق بهذا النص الأخیر ما مفاده أن من غیر الممکن أن تکون القصة کلها رمزیة فلأنه کما أشرنا إلی ذلک لیس من القائلین بأنها رمزیة، و إنما هو
هنا یتعرف بأن من الممکن أن یکون بعضها رمزی و بعضها غیر رمزی.
و نحن نری أیضا أن من الجائز ذلک. فإن مما لاشک فیه أن المسیح کانت لدیه القدرة علی إبراء مثل هذا المریض بإذن الله، و من الجائز أن یکون قد حدث منه ذلک لمثل ذلک الرجل المشلول. و هذا الجانب الواقعی.
و إما الجانب الرمزی فهو القالب الذی أفرغ ذلک الجانب الواقعی فیه، و هو هیکل القصة و الثوب الذی ظهرت به فی هذان النص، و إلا فما تفسیر غفلة الیهود عن ذکر تلک البرکة العجیبة ذات الأروقة الخمسة التی کان الملاک ینزل فیها و یحرک الماء؟؟ و لیس بصحیح أنهم أغفلوها حقدا علی المسیح و حسدا لأنها من قبل ظهوره، بل کانت تعد مفخرة لهم و تخلیدا لدیانتهم. ولو سلمنا جدلا بأن ذلک کان سبب إغفالهم لها، فلا سبب لإغفال کل من مؤلفی أناجیل متی و مرقس ولوقا لها، بل لاسبب إلا أن المؤلف العجیب هو کاتب إنجیل العجایب و الغرائب.
1) ولیم بارکلی: شرح بشارة یوحنا. ص 270، و لقد اختصرنا بعض کلامه لعدم الإطالة لا لغرض آخر و نحن نحیل إلیه. و الترقیم من عندنا و لذا وضعناء خارج الأقواس.