موقف الأناجیل الأخری من هذه القصة

اتفقت الأناجیل الثلاثة علی إغفال هذه القصة إجمالا و تفصیلا، فلم یرد فی أی

إنجیل منها ما یشیر من قریب أن من بعید إلی حدوثها، مع أنها لو حدثت لما أغفلها الثلاثة لأنها ذات شأن فی توضیح موقف مغایر لما درج علیه الیهود، «فلم یکن الیهود یسمحون بأی علاقة اجتماعیة أو دینیة مع السامریین» (1) و لذلک فقد جاء فی نص متی أن المسیح نهی تلامیذه عن نزول السامرة بل علیهم أن یذهبوا إلی خراف بیت إسرائیل الضالة:

»هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم یسوع و أوصاهم قائلا إلی طریق أمم لاتمضوا و إلی مدینة للسامریین لاتدخلوا بل اذهبوا بالحری إلی خراف بیت إسرائیل الضالة، و فیما أنتم ذاهبون اکرزوا قائلین إنه قد اقترب ملکوت السماوات«(2).

و هذا یتسق مع کراهیة الیهود لهم من ناحیة، و من ناحیة أخری یتسق مع ما استفاض عن المسیح من إعلانه أنه لم یرسل إلا إلی خراف إسرائیل الضالة.

بل إن مؤلف إنجیل لوقا له موقف مغایر فی موضوع السامریین فقد جاء فی روایته عن المسیح ما نصه:

»و حین تمت الأیام لارتفاعه ثبت وجهه لینطلق إلی أورشلیم و أرسل أمام وجهه رسلا، فذهبوا و دخلوا قریة للسامریین حتی یعدوا له فلم یقبلوه لأن وجهه کان متجها إلی أورشلیم» (3)، فقد خالف هذا النص نص یوحنا فی أنهم آمنوا و مکث عندهم یومین لأن هذا نفی قبولهم له، کما خالف هذا النص نص متی فی أن المسیح منعهم من دخول مدن السامریین لأنه هنا قال بدخولهم. و المسألة کلها خلافیة و لو کان هذا الصدور عن حقیقة واحدة لاتفق المؤلفون الثلاثة و ما اختلفوا. و لکن لما یظهر لنا فإن لکل منهم وجهة تولاها من نفسه.

1) قاموس الکتاب المقدس. ص 451.مادة «السامریون«.

2) [متی 10: 5- 7].

3) [لوقا 9: 51- 53].