و نعود لموضوعنا مع أنجیل العجائب و الرغبات و الألغاز لنری أنه یقول بأن المسیح أنزل عن الصلیب ولف فی أکفان، مع أنواع من الأطایب مثل مزیج المر و العود نحو (100من) قدرها أحد أعلام الکنیسة القبطیة و هو الاستاذ عوض سمعان بنحو (50 کجم) خمسین کیلوا جراما (1)، فقد نص المؤلف اللاهوتی:
»ثم إن یوسف الذی من الرامة و هو تلمیذ یسوع و لکن خفیة لسبب الخوف من الیهود سأل بیلاطس أن یأخذ جسد یسوع فأذن بیلاطس فجاء و أخذ جسد یسوع، و جاء أیضا نیقودیموس الذی أتی أولا إلی یسوع لیلا و هو حامل مزیج مر و عود نحو مائة منا فأخذا جسد یسوع ولفاه بأکفان مع الأطیاب«(2).
قال الدکتور ولیم إدی فی تفسیره لهذه الفقرة عن المر و العود المذکورین: «کلاهما طیب الرائحة ثمین و یحنط بهما لمنع الفساد.. و کانت طریقة استعمالهما فی التحنیط أنهم یسحقونهما و یضعون مسحوقهما علی جثة المیت و یلفونها بلفائف تحیط بالجسد کله«. و قال عن المن إنه: «وزن یونانی رومانی یعدل نحو مائة درهم یونانی و نحو 115 درهم سلطانی فمبلغ المائة نحو 115000 درهم سلطانی أو ما یقرب من تسع و عشرین أقة» (3) أ. ه. و یبدو أن الأطیاب المذکورة لم تکن هی مسحوق المر والعود الذی قدر بخمسین کیلو جراما فقط فقد أضاف تفسیر متی هنری أن یوسف و نیقودیموس أذاباها فی عطور، قال: «و لفاه بأکفان بکل وقار مع الأطیاب التی یرجح أنهما أذاباها فی عطور«(4).
و هذا القدر من جملة هذه الأطیاب کمیة هائلة خارجة عن المألوف و لا سبب لها إلا أن یکون المقصود منها علاج الجروح التی کانت بجسد المصلوب، و هی بهذا الاعتبار ملفتة للنظر، و لعل هذا ما حدا ببعض من أنکروا موت المصلوب إلی القول بأن کمیة الأطیاب هی السبب، کما أشار إلی ذلک الاستاذ عوض سمعان فی کتابه عن: «قیامة المسیح…» المشار إلیه فقد أورد أقوال بعضهم کما نقل عن بعض الیهود المعاصرین (قبل إعلان وثیقة تبرئة الیهود من دم المسیح سنة 1966 م بواسطة بابا روما) کتب واحد منهم یدعی هیوشنفیلد کتابا عن المسیح جاء فیه أنه:
»بعد ثلاثة ساعات من صلبه نقله تلامیذه و هو علی قید الحیاة إلی القبر، و هناک وضعوا فی أکفانه الکثیر من العقاقیر و العطور التی ساعدت علی التئام جروحه و انعاش نفسه، و قد انتهزوا فرصة عطلة یوم السبت و هو الیوم التالی لصلبه و سرقوه فی غفلة من الحراس، ثم ذهبوا به إلی بلاد بعیدة«.(5).
و القول بأنه نزل عن الصلیب بعد ثلاث ساعات من صلبه قول محتمل عند مقابلة روایات الصلب بعضها ببعض- و سنبین ذلک فی موضع قادم ببحثنا هذا إن شاء الله- و لا وجه لتعلیل هذه الکمیة الهائلة من العقاقیر و العطور غیر هذا. فقد کانت به جروح من أثر الجلد.
1) عوض سمعان: قیامة والأدلة علی صدقها.ص 85.
2) [یوحنا 19: 38- 40] و لعل الصواب: مائة من.
3) ولیم إدی: شرح إنجیل یوحنا. ص 304.
4) متی هنری: تفسیر إنجیل یوحنا. ج 4. ص 305.
5) عوض سمعان: قیامة المسیح و الأدلة علی صدقها. ص 54.