ذکر صاحب کتاب «سلاسل المناظرة الإسلامیة النصرانیة» بعض المواضع التی وجدها فی الکتاب المقدس و قد أطلق فیها کلمة «ابن الله» وصفا لغیر المسیح، نوجز بعضها:
أولا: أطلقت الأسفار «ابن الله» علی آدم: «ابن أنوش بن شیث بن آدم ابن الله» (1).
ثانیا: أطلقت الأسفار «ابن الله» علی سلیمان: فقد جاء أن الله خاطب داود قائلا:
»أقیم بعدک نسلک الذی یخرج من أحشائک و أثبت مملکته، هو یبنی بیتا لاسمی، و أنا أثبت کرسی مملکته إلی الأبد، أنا أکون له أبا، و هو یکون لی انبا» (2).
ثالثا: أطلقت الأسفار «أبناء الله» علی الشرفاء أو الأقویاء، فقد جاء أیضا: «أن أبناء الله» رأوا بنات الناس أنهم حسنات«(3).
رابعا: أطلقت الأسفار «ابن الله» علی کل اسرائیلی طاهر: إذ جاء أیضا: «لما کان إسرائیل غلاما احببته و من مصر دعوت ابنی (4)» و فیه وصف بنی إسرائیل:
»و یکون عوضا عن أن یقال لهم لستم شعبی، یقال لهم أبناء الله الحی«(5).
خامسا: أطلقت الأسفار «ابن الله» علی کل مسیحی مؤمن. إذ جاء أیضا:
لأنهم مثل الملائکة و هم أبناء الله» (6).
سادسا: أطلقت الأسفار «ابن الله» علی کل عبد بارسواء کان مسیحیا أو غیره: کما جاء:
(کل الذین ینقادون بروح الله فأولئک هم «أبناء الله«((7).
»طوبی لصانعی السلام، لأنهم أبناء الله یدعون«(8).
وقد جاء بالکتاب المشار إلیه کثیر من النصوص التی اخترنا بعضها قصدا للایجاز، و من أراد مزیدا فإنا نحیله إلیه.(9).
وقد جاء بقاموس الکتاب المقدس أن ذلک مما یطلق علی الملائکة أیضا و استدل علی ذلک بعدد من النصوص نأخذ منها واحدا و هو:
»و کان ذات یوم أنه جاء بنوا الله لیمثلوا أمام الرب و جاء الشیطان أیضا فی وسطهم» (10) و المقصود: هم الملائکة الذین جاء الشیطان فی وسطهم.
و من الواضح أن استعمال لفظ «ابن الله» أو «أبناء الله» لیس استعمالا یراد به أن لله أبناء هم أولاده، و إنما هو «استعمال مجازی معناه التکریم و الطاعة. ونظیره إطلاق الأناجیل علی العصاة أنهم أبناء الشیطان (11) مع أنهم أبناء آدم- و الغرض من ذلک أنهم یطیعون الشیطان کطاعة الأبناء للآباء» (12).
و هذا الاستعمال المجازی لیس غریبا علی الکتاب المقدس بعهدیه القدیم و الجدید فقد جاء فیه:
»أن بولس نفسه استعمل هذا الترکیب (ابنی الحبیب) استعمالا مجازیا فی رسالة کورنثوس الأولی قال بولس عن تیموثاوس:
لذلک أرسلت إلیکم تیموثاوس الذی هو ابنی الحبیب مع أنه لیس ابنه (13).
و فی الإنجیل الرابع الذی هو موضوع بحثنا نص وصف فیه المؤمنون بأنهم أولاد الله بمعنی:
»و أما کل الذی قبلوه فأعطاهم سلطانا أن یصیروا أولاد الله أی المؤمنین باسمه. الذین ولدوا لیس من دم و لا من مشیئة جسد، و لا من مشیئة رجل بل من الله«(14).
فولادتهم الجسدیة لامکابرة فیها رغم هذا التعبیر. ولعل مقصود المؤلف أن هؤلاء
المؤمنین ولدوا مؤمنین فی مشیئة الله من قبل الولادة الجسدیة، و هم و إن کانوا قد ولدوا بالجسد والدم من آباء إلا أن علاقاتهم بالله أقوی. و هذا هو السبب فی أنهم منحو «سلطانا أن یصیروا أولاد الله«.
فهل ذلک هو المقصود فی وصف المسیح بأنه ابن الله علی نحو أفضل لأنه لامنزلة الرسول؟؟ أم المراد أنه «ابن الله» بمعنی آخر. حال القوم یدل علی أن «بنوة المسیح لله» بنوة خاصة لأنه الابن الوحید المنبثق من الآب قبل کل الدهور، إله من إله، حسب قانون الإیمان الذی صدر عن مجمع نیقیة (325) ذلک القانون الذی دعا إلی عبادة المسیح إلها مع الله لأنه منه. و کان ذلک لأول مرة فی تاریخ المجامع. فی مقابلة القائلین بنفی ألوهیة المسیح و هم آریوس وأتباعه من الموحدین.
والبنوة من ذلک الیوم تفسر بهذا المعنی.
1) [لوقا 3: 38].
2) [صموئیل 7: 14].
3) [تکوین 6: 2].
4) [هوشع 11: 1].
5) [هوشع 1: 10].
6) [لوقا: 20: 36].
7) [رومیة 8: 14].
8) [متی 5: 9].
9) عبد الله العلمی: سلاسل المناظرة الإسلامیة النصرانیة بین شیخ و قسیس. ص 89 الطبعة الأولی 1970 م.
10) [أیوب 1: 6] راجع قاموس الکتاب المقدس ص 109 مادة «أبناءالله«.
11) »ابن ابلیس» [أعمال الرسل 13: 10] و راجع عبد الله العلمی: سلاسل المناظرة ص 94.
12) محمد عزت الطهطاوی: النصرانیة و الإسلام ص 40.
13) المرج السابق ص 41 و النص من [اکورنثوس 4: 17].
14) [1: 12- 13].