کما جاء بالنص علی لسان المسیح قوله:
»کما أن الآب له حیاة فی ذاته کذلک أعطی الإبن إیضا أن یکون له حیاة فی ذاته» (1).
وأرکان هذا النص ثلاثة. الحیاة، ومعطیها، والذی أعطیت له. والسؤال الواجب هنا: ماذا وکیف کان الإبن قبل أن یعطیه الآب الحیاة التی صار بها حیا؟؟ ومهما یقال بالأزلیة فهی أزلیة غیر حقیقیة لأنها مسبوقة بأزلیة الآب الذی کان حیا قبل أن یقوم بمنح الآب تلک الحیاة ولو للحظة!! وإذن فالآب أقدم والإبن حادث. والآب مانح والإبن آخذ. وهذا هو الفارق بین مخلوق والخالق
یقول الأنبا غریغوریوس أسقف عام الدراسات العلیا والثقافه القبطیة والبحث العلمی ما نصه:
»وهذا یشکل فارقا فاصلا بین المخلوق والخالق، فالمخلوق صار حیا باحیاة التی بعثها فیه للخالق، ولم یکن قبل البعث والخلق حیا، أما الخالق فحی منذ الأزل، وهو الحی الأول والحیاة فیه من ذاته وإلا کان مخلوقا، والحیاة فیه کائنة منذ الأزل لأنه هو نفسه الحیاة، ولو لم تکن الحیاة فیه من ذاته لکان شأنه شأن کل مخلوق، ولم یکن بالتالی خالقا، ولن یکون أبدا لأن فاقد الشئ لایعطیه، فالخالق وحده هو باعث الحیاة وأصلها ومنشئها وهو الحی بذاته، وفی ذاته، وهو الحیاة وکل الحیاة: (2).
ومن حق أمانة البحث علینا أن نقول إن صاحب هذا النص قال قبله: إن الإبن هو الآب الخالق، ثم قال ما نقلناه بنصه، ومن حق احترام العقل الإنسانی علینا أن نقول: إن الإبن الذی أعطاه الآب الحیاة مخلوق محتاج کسائر المخلوقات، وإن الخالق هو الله الآب، وهذا هو الفارق بین مخلوق والخالق.
1) [5: 26].
2) غریغوریوس:أنت المسیح ابن الله الحی [ص 50].