قال لوقا: «لما ولد المسیح وضعته أمه مقموطا فی معلف من مذاود الدواب و کان هناک رعاة یرعون أغنامهم» قال: «فنظر الرعاة إلی الملائکة قد نزلوا إلیهم و بشروهم فقالوا: نبشرکم ببشارة عامة لأهل العالم کله. إنه ولد اللیلة لکم مخلص و منج و هو أیشوع المسیح الرب» (1).
و هذه قصة لم یذکرها سوی لوقا. وانفراده بها یوجب سوء الظن به فیها. مع أن فیها ما یقضی بردها و هو بشری الملائکة للعالم بأسره بأن یسوع مخلصهم و منجیهم. و ذلک بمطلقه یقضی بأن الهنود والصین والترک والسودان والیهود و فرعون و نمرود و سائر طوائف الکفار و عباد الأنداد من الخشب والحجارة قد خلصوا و نجوا بمولد هذا المسیح، و بطلت الخطیئة بمجیئه.
و هذا القول مع قباحته مردود بنص الإنجیل إذ یقول فیه: «إنی أقیم الناس یوم القیامة عن یمینی و عن شمالی فأقول لأهل الیمین: فعلتم بی کذا فاذهبوا إلی النعیم، و أقول لأهل الشمال: فعلتم بی کذا فاذهبوا إلی الجحیم«. ثم إخبار هؤلاء الملائکة للرعاة یوجب مسرة بمولد أیشوع. إذ کان فیه خلاصهم و نجاتهم، و معلوم أن الیهود و أکثر هذه الطوائف لم یسروا بمولده. ثم هذه الروایة التی رواها
لوقا من کون المسیح مخلصا للعالم؛ معارضة بقول المسیح: «إنی لم أرسل إلا إلی الخراف الضالة من بیت إسرائیل» (2) «فإن الأصحاء لا یحتاجون إلی الدواء و إنما یحتاج إلیه المرضی» (3) و إذا کان المسیح قد قال: لم یرسل إلی العالم، بل إلی من ضل من بنی إسرائیل، فلا یعول علی ما قاله و نقله لوقا. و ما أحسن إلها یستر بخرق الثیاب، و یشتمل علیه معالف الدواب.
1) لوقا 2: 6 +.
2) متی 15: 24.
3) متی 9: 12.