وعمدتنا هنا هو الدکتور ولیم بارکلی لیحدثنا عن موقف النقاد وأدلتهم. ونوجز من نصه:
أولا: «أنهم یقولون إنها لم تحدث مطلقا» بدلیل أن البشائر الثلاث الأخری صمتت عن الإشارة الیها، فکیف یمکن أن یصمت البشیرون الثلاثة عن الکتابة ولو مخلص موجز لها، أو مجرد الإشارة لحدوثها؟
یجیب بعض المفسرین: بأن السبب هو أن «بطرس» الذی استقی منه مرقس بشارة وهی أقدام البشائر، لم یکن حاضرا أثنا حدوث المعجزة. وهذا واضح من أن «سمعان بطرس» لایرد له ذکر فی الإصحاحات الخامس و السابع إلی الثانی عشر.
وبیدو أن الدکتور ولیم بارکلی لم یقتنع مثلنا بهذه الإجابة الواهیة فقال: «ولکن حتی وإن لم یکن)بطرس) أحد الحضور عند حدوث هذه المعجزة الفریدة، ألم یسمع بخبرها من غیره من تلامیذ، وکیف یمکن أن یغفل ذکر معجزة مذهلة نظیر هذه؟» (1) أ. هـ.
ونحن نقول: ولیس بطرس الذی کان ملهم مرقس بالذی کان یلزم لمتی الذی ینسب إلیه الإنجیل المعروف. فإن متی فی رأی الکنیسة کان أحد التلامیذ بخلاف مرقس الذی لم یکن من بینهم فکیف یغفل متی أیضا ذکر هذه المعجزة الفریدة المذهلة (تاج المعجزات(؟؟
ثانیا: ویقول بارکلی: «علی أن أعظم صعوبة تکمن هی هذه المعجزة هی أنها کما یؤکد «یوحنا» کانت السبب المباشر، الذی دفع رؤساء الکهنة لحبک مؤامراتهم والإسراع بالقبض علی یسوع لإزاحته من طریقهم (2).. أی أن إقامة «لعازر» من الموت کانت السبب لصلب المسیح- بینما فی البشائر الثلاث الأولی» نجد أن السبب الأساسی للقبض علی المسیح، حادثة تطهیر الهیکل، فلو کانت هذه المعجزة فد حدثت بالفعل. وکانت السبب فی اشتعال نادر العداوة ضد المسیح بصورة رهیبة کان یجدر بالبشارین الثلاثة أن یشیروا إلی ذلک؟» (3) أ. هـ.
ثالثا: یقول بارکلی:
»وقال آخرون: إن القصة مثل رائع رمزی یدور حول قول یسوع (أنا هو القیامة والحق والحیاة) وهکذا ألفت هذه القصة لتوضح هذا القول ولکن تصبح إطارا جذابا له» (4).
رابعا: ویقول بارکلی أیضا: «وقال غیرهم: إن القصة ملحقة بمثل الغنی ولعازر (5). فنهایة ذلک المثل: «إن لم یؤمنوا بموسی و الأنبیاء، ولا إن قام واحد من الأموات یصدقون» وهکذا نسجت هذه القصة لتظهر أن لعازر قد قام من الأموات بالفعل، حتی یحذر إخوته من المصیر القاسی، ولکن إخوته- إی الیهود- لم یؤمنوا بما قال بل استمروا فی عناد قلبهم حتی یومنا الحاظر… فإقامة «لعازر» تخرج رمزی، ونسیج تطوری للمثل الذی نادی به المسیح قبل ذلک» (6).
أما موقفنا نحن من هذه القصة فقد وضح فیما أسلفنا. ونؤکد هنا أن هذه القصة من نسج المؤلف و اختراعه. بدلیل تفرده وحده بها، و أنه کان یهدف من ورائها إلی تلافی ما وجه إلی غیرها مما جاء فی بابها، وأن الظروف ساعدته فلم یکن أحد التلامیذ علی قید الحیاة لیخشی من إنکاره لها، کما أن البیئة التی وجد هذا الإنجیل بها لم تکن بالتی ترفض مثل تلک القصة المذهلة الغریبة التی لاتزال تعد عند مؤلهی المسیح «تاج المعجزات» فی «تاج الأناجیل«..
1) ولیم بارکلی: شرح بشارة یوحنا. جـ 2. ص 203.
2) [یوحنا 11: 47- 54].
3) ولیم بارکلی: شرح بشارة یوحنا. جـ 2. ص 204.
4) المرجع السابق. ص 205.
5) [لوقا 16: 19، 31].
6) ولیم بارکلی: شرح بشارة یوحنا.