وأول ما یلاحظ الناظر فی هذه المحاولة التی قام بها بارکلی.
أن القول باختلاف صورة المسیح الواحد تبعا لاختلاف زوایا الرسامین لاینطبق هنا علی أی معنی یمکن أن یکون إجابة.
فإنهم یقولون بزوایا أربع بعدد المؤلفین الذین ألفوا الأناجیل الأربعة وهی ما یرونه فی الأسد والثور والإنسان والنسر- حسب رؤیا یوحنا- بینما لایوجد هنا غیر صورتین اثنتین للمسیح:
الأولی:
(أ) الصورة عند الثلاثة للمسیح المخلوق الضعیف المحتاج لله الذی لا یزید علی کونه رسولا نبیا- کما سبق توضیح ذلک ویتفق مع اتجاه ثلاثة هذا بعض نصوص یوحنا التی تحدثنا عنها فی الفصل السابق.
(ب) المدة الزمنیة للبعثة عام من الزمن تقریبا.
(ج) المکان یترکز فی الجلیل ما عدا زیارته الأخیرة لأورشلیم.
أما الثانیة:
(أ) فالمسیح هو الکلمة- اللوجوس الیونانی- المتجسد.
(ب) المدة الرمینة للبعثة عن عامین.
(جـ) المکان یترکز فی الیهودیة وأورشلیم. ما عدا فترات قلیلة فی مدن الجیل. فهاتان صورتان. الأولی حسب تصویر الثلاثة وتصویرهم. الثانیة کما رسم إنجیل أفسس.
وکان من الممکن أن یقبل کلام بارکلی لو أن الزاویا فعلا أربع ولو أن الصور کانت أربع. فلو قال أحدهم إنه کان بشرا، وجاء الثانی فخالف وقال کان ملاکا، وخالف الثالث فقال کان إلها فقط وجاء الرابع فقال کان إلها متجسدا مثلا- لصدق ما یدعون من الصور المختلفة. لکنک تری أن الثلاثة یجمعون علی بشریته ویؤیدهم بعض نصوص الرابع وأنه خالفهم فرسم صورة إله متأنس. وهاتان صورتان لاتزیدان ولا تنقصان.
ولا مراء فی أن ما اتفق علیه الثلاثة فی شأن زمان ومکان دعوة المسیح یعطی صورة واحدة. تخالف ما خرج به الرابع من الشذوذ و الغرابة فی التصویر.
أما ما تعلل به بارکلی من نص متی «کم مرة أردت أن أجمع» فهو لایدل صراجة علی ما حاول أن یستشفه ضمنیا. لأن نصوص الثلاثة لا تعطی أورشلیم غیر زیارة واحدة وهی الأخیرة والوحیدة منذ بدایة الدعوة. وربما حاول فیها أن یجمع فی أکثر من موعظة ألقاها فی نفس الزیارة.