جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الفرقة الأولی

زمان مطالعه: 4 دقیقه

فرقة یعقوب السروجی و یسمی البرادعی أیضا. ادعت: أن المسیح أصاره الاتحاد طبیعة واحدة و أقنوما واحد قالوا: لأن طبیعة اللاهوت ترکبت مع طبیعة الناسوت، کما ترکبت نفس الإنسان بجسده، فصار إنسانا واحدا. فکذلک المسیح. فالمسیح عندهم إله کله، و أنسان کله. و له طبیعة واحدة، و هو یفعل بها ما یشبه أفعال الإله و ما یشبه أفعال الإنسان. و هو أقنوم واحد، هو الشخص. والأقانیم هی: الأشخاص. و مجرد حکایة هذا المذهب؛ یکفی فی الرد علیه. إذ حاصله: أن الإله هو الإنسان والإنسان هو الإله.

و سبیل الرد علی هذه الفرقة: أن یقول لهم:

الحجة الأولی:

أخبرونا عن هاتین الطبیعتین اللتین أصارهما الاتحاد طبیعة واحدة، هل تغیرت کل واحدة عما کانت علیه قبل الترکیب أو لا؟ فإن زعمت: أنها لم یتغیرا، بل بقیت طبیعة الإله بحالها و طبیعة الإنسان أیضا بحالها؛ فقد نقضوا

مذهبهم و رجعوا عن قولهم إلی قول من یقول: إن المسیح بعد الاتحاد کهو قبل الاتحاد. و سیأتی الکلام علیه. و إن زعمت أن الطبیعتین قد صارتا طبیعة ثالثة، لا تشبه واحدة من الأولین. فهذا تصریح بأن هذه الطبیعة؛ لا إله ولا إنسان، فکان ینبغی علی سیاق هذا القول ألا یصفوا المسیح بأنه إله، و لا یصفوه بأنه إنسان؛ بل شیء آخر غریب عجیب. و ذلک لأن الطبیعتین کانتا قبل الترکیب إلها کاملا و إنسانا کاملا. فإن کان الترکیب قد أخرجهما إلی طبیعة غیرهما؛ لم تکن تلک الطبیعة لا إلها و لا إنسانا. فإن زعموا: أنهما کانتا قبل الترکیب کاملتین، والترکیب لم یخرجهما عن الکال بل بقی المسیح إلها کاملا و هو بعینه إنسان کامل؛ فقد تحامقوا. إذ زعموا: أن القدیم هو بعینه هو الحادث، و أن الزمنی هو بنفسه الأزلی. و ذلک بمثابة قول القائل: إن الحرکة: هی السکون، و إن السواد: هو البیاض. و ذلک هو الجنون.

الحجة الثانیة:

الجمع بین الجوهرین فی الجوهریة؛ یوجب کوب الطبعین طبعا واحدا أقنوما واحدا. فیسقط القول فیه الدنایا (1) إن کان المسیح إلها، أو یسقط القول بظهور الآیات إن کان المسیح إنسانا. فبطل القول بکونه طبعا واحدا.

الحجة الثالثة:

لو قد صار الجوهران واحدا للزم أن یکون القدیم هو الحادث من الوجه الذی هو قدیم، والمحدث قدیما من الوجه الذی هو محدث؛ فبطل أن یکون صارا واحدا.

الحجة الرابعة:

هذ الرأی من الیعقوبیة مردود بأقوال المسیح فی الإنجیل حیث یقول: «أنا ذاهب إلی أبی و أبیکم و إلهی و إلهکم» (2) ففرق بین الذاهب والذی یذهب إلیه.

فبطل أن یکونا صارا وحدا، و إلا لاتحد الذاهب و من یذهب إلیه، والداعی والمدعو. و دعاء المسیح نفسه محال.

الحجة الخامسة:

إن کان طبع الإله و طبع الإنسان قد صارا واحدا والإله خالق والإنسان مخلوق، فطبع الخالق هو طبع المخلوق، و طبع العلة هو طبع المعلول. و ذلک محال.

الحجة السادسة:

إن کان جوهر الأزلی قد تغیر فقد صار الأزلی زمنیا والزمنی أزلیا. و ذلک جهل من قائله.

الحجة السابعة:

إن کان جوهر الابن الأزلی، و جوهر الإنسان قد تغیرا عن طباعهما؛ فقد بطلت فائدة الاتحاد التی یدعیها النصاری؛ لأن فائدته عندهم: أن یقع الفیض من الطبیعة اللاهوتیة علی الطبیعة الناسوتیة بحولها فیه. و إذا کانت الطبیعتان قد انقلبتا إلی ثالثة؛ فلا المفید بقی مفیدا، و لا المستفید بقی مستفیدا.

الحجة الثامنة:

إن کان الجوهران سلیمین فی المسیح، لم یصدق قول من یقول: إنهما صارا واحدا بالعدد. و کیف یقال فی الکثرة إنها واحد من الجهة التی هی کثرة؟ و کیف یقال فی الواحد: إنه کثرة من الجهة التی هو بها واحد؟ و إن کان الجوهران والاقنومان قد تفاسدوا و عدما، فکان ینبغی ألا یوجد المسیح بل یعدم و یتلاشی.

الحجة التاسعة:

إن کان الجوهران قد صارا واحدا بالعدد فیجب أن یبطل فعل هذا و فعل هذا؛ لأن المختلفی الطباع إذا ترکب منهم طبع آخر؛ لم یبن فعل الأول و لا الثانی. فکان یجب ألا یظهر المسیح. لا فعلا إلهیا و لا فعلا ناسوتیا. ألا تری أن

الاستقصات الأربع إذا ترکب عنها جسم. فلا شک أن ذلک الجسم لیس بنار محضة و لا هواء و لا ماء و لا تراب. فعلی سیاق هذا کلام یلزم أن یکون المسیح بالاتحاد الذی یدعونه؛‌ لا إلها و لا إنسانا. و یؤول القول بالاتحاد إلی رفع ثمرته وفائدته.

الحجة العاشرة:

الإنجیل مصرح بأن المسیح کان یتزاید أولا أو لا فی بنیته و معارفه و علومه، والمتزاید غیر الکامل. فبطل أن یکونا شیئا واحدا؛ لأن الإله لا یتقلب و لا یتغیر و لا یستحیل و لا یزید. فإذا قلتم: إنهما قد صارا واحدا. ثم انقلب و تغیر. فیکون غیر المنقلب منقلبا، و غیر المستحیل مستحیلا (نقول) و إذا انقلبت الکلمة فمن القالب لها؟ ثم جوهر الابن علی زعمهم غیر مائت و لا فاسد، و جوهر الإنسان المأخوذ من مریم مائت و فاسد. فإن کان المجتمع منهما صار واحدا فقد صار بجملته لا مائتا و لا غیر مائت، و لا فاسدا و لا غیر فاسد. و ذلک خبط و جهل. و إنه لقبیح بموجد أوجده خالقه بعد أن لم یکن أن یقول: إنه صار هو و خالقه شیئا واحدا و طبیعة واحدة. و لا یقبح أن یقال: إن الخالق اباری أفاض علی عبده النعماء. و قال فولس فی أواخر الرسالة العاشرة: «الله مالک العالمین الذی لا یفسده و لا یری، هو الله الأحد، له الکرامة والحمد إلی أبد الآباد. جل و علا» (3).

الحجة الحادیة عشرة:

صیرورة الجوهرین المتنافیین -کالثلج والنار- واحدا؛ مستحیل ببدائة العقول مع اشترکهما فی أصل الجوهریة. فصیرورة خالق الجوهر مع الجوهر واحدا؛ أولی بالاستحالة.

الحجة الثانیة عشرة:

قال یحیی بن زکریا حین رأی المسیح: «هذا خروف و حمل الله الذی یحمل خطایا العالم» (4) ففرق بینه و بین الباری تعای فبطل أن یکونا واحدا.

الحجة الثالثة عشرة:

قال شمعون الصفا: «یا رجال بنی إسرائیل إن أیشوع رجل رجاءکم من الله» (5) و أیشوع: اسم المسیح. فشهد شمعون. و هو رئیس أصحاب المسیح بأن المسیح رجل، و أن الله أرسله، و أنه إنسان کله. و ذلک تکذیب للیعقوبیة فی دعوی هذا النوع من الاتحاد.

الحجة الرابعة عشرة:

سئل المسیح عن یوم القیامة، فقال: «لا یعرف ذلک إلا الأب وحده فأما الابن فلا یعرفها» (6)، و قول المسیح أولی بالتصدیق. و قد أخبر أنه لا یعلم بالمغیبات، و لو قد صار مع الله شیئا واحدا لعلم ما یعلمه الله؛ لأن الشیء الواحد لا یمکن أن یثبت لبعضه من الحکم ا یجب نفیه عن البعض؛ فبطل أن یکونا شیئا واحدا.

الحجة الخامسة عشرة:

الأناجیل الأربعة تذکر أن المسیح بکی علی صدیقه لعازر، و فرح بتوبة التائب، و أکل فی دعوات أصحابه، و شرب و رکب الأتان، و تعب من وعر الطریق، و حزن من نزول الموت، و قال: «إلهی اصرف عنی هذا الکأس» و هذه النقائص قبیح إضافتها إلی الابن الأزلی؛ فبطل أن یکونا صارا واحدا.

فهذه حجج دامغة للیعاقبة قاضیة بفساد ما ذهبوا إلیه، و کثیرا ما یحاولون تحقیق مقالتهم إذا ألزموا ما یعتقدونه من قتل المسیح و صلبه فلا یمکنهم ذلک إلا أن یفروا إلی مذهب نسطور.


1) یعنی أن أفعال المسیح الضعیف فی الدنیا، لا تناسب أفعال الله القوی.

2) یوحنا 20: 17.

3) تیموثاوس الأولی 1: 17. «و ملک الدهور الذی لا یفنی و لا یری. الإله الحکیم وحده. له الکرامة والمجد إلی دهر الدهور» و کلام بولس هذا یدل علی أنه لیس هو الواضح للمسیحیین عقیدة التثلیث. و إنما وضع نبوءات التوراة عن محمد علی المسیح، و صرح بإلغاء أحکام التوراة کلها. و نادی بمکارم الأخلاق والبعد عن الفواحش.

4) یوحنا 1: 29 +.

5) أعمال 2: 22.

6) المسیح لم یسأل عن یوم القیامة، و إنما سئل عن ساعة هلاک الیهود.