هذه الآیة عظیمة الشأن، عالیة القدر من آیات القرآن العظیم، ساقها الله سبحانه و تعالی إلی عباده المؤمنین لیزدادوا إیمانا مع إیمانهم فالإیمان یزید و ینقص. الآیة تقول إنک تری الأرض یابسة خاملة ساکنة.. فکل ما فیها ساکن لا یتحرک، و کل سکانها و کائناتها محکوم علیها بالموت و الهلاک إذا لم ینزل علیها الماء..البکتریا.. الفطریات.. الطحالب… البذور… السیقان الأرضیة.. البصلات…البصیلات.. حویصلات الدیدان، بیوض الحشرات.. کل هذه التراکیب تعیش تحت الأرض فی سبات و سکون هاجعة لاتتحرک و تأخذ أقل حجم لها، و أقل مساحة و تنخفض العملیات الحیویة إلی أقل معدل فی حیاة الکائنات الحیة الموجودة بها، حتی جزیئات التربة، و تسبح الأرض هامدة ساکنة، سکون یشابه سکون القبور.. أنظر إلی هذه الأرض القاحلة المتماسکة الجزیئات إذا لم ینزل علیها المطر بأنها تظل هکذا إلی أن تأتی اللحظة الحاسمة إشارة الإلهیة العجیبة فإذا أنزلنا علیها الماء اهتزت و ربت تبدأ الحرکة
الجراثیم الموجودة تنبت و تتحرک و تبدأ الحویصلات الساکنة فی الإنبات و الحرکة، حویصلات الدیدان تنشط و تتحرک، البصلات، البصیلات، الدیدان، السیقان الأرضیة، الحبوب، البذور ملایین الکائنات تسری فیها الحیاة فتتحرک
الأرض و تهتز، هذا المنظر البدیع المعجز یصوره ربنا سبحانه و تعالی بقوله (اهتزت) و تبدأ عملیات الانقسام و امتصاص الماء، و تحلیل الغذاء المعقد إلی وحدات أقل ارتباط و أکثر عددا و اکبر حجما، و تنشط الدیدان الأرضیة فی شق الأنفاق الأرضیة و ابتلاع کمیات هائلة من التربة المتلاصقة و إخراجها بعد ذلک مفککة مم یزید فی حجمها فترتفع و تهتز، و تبدأ عملیة تأین عجیبة فی جزئیات التربة و التی أکتشفها عالم بریطانی اسمه برأون فی عام 1827 م [1] حیث وجد أن ماء المطر إذا سقط علی التربة أحدث لها اهتزازات تهتز لها حبیبات التربة هذه الحبیبات الصغیرة التی یکون أکبر حبیبة فیها قطره 3 مم، و تتکون هذه الحبیبات من المعادن المختلفة و التی تترکب من صفائح متراصة بعضها فوق بعض، فإذا نزل المطر تکونت شحنات کهربائیة مختلفة بین الحبیبات بسبب اختلاف هذه المعادن، و یحدث تأین نتیجة لاختلاف الشحنات الکهربائیة المتولدة فتهتز هذه الحبیبات نتیجة هذا التأین مما یؤدی هذا بدوره إلی دخول الماء بین الصفائح المتراصة و هذا یؤدی کذلک إلی انتفاخها و ارتفاعها عن سطح الأرض فهذه العوامل المعقدة کلها مجتمعة هی التی تؤدی إلی اهتزاز الأرض التربة من أخبر محمد بن عبدالله علیه الصلاة و السلام عن هذه الظاهرة الرائعة إنه رب العالمین.
المراجع: محاضرة للدکتور أحمد ملیجی فی المؤتمر العالمی السادس لإعجاز القرآن و السنة.
کتاب: إعجاز النبات فی القرآن الکریم تألیف الدکتور نظمی خلیل أبو العطا